جُمعة // دموع الأرامل والأيتام بسبب سرقات الحكام 6 / شوال / 1433هـ
الخطبة الأولى:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم توكلت على الله رب الخلق أجمعين وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ وَصَلَواتُهُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّد خاتَمِ النَّبِيّينَ وَالْمُرْسَلينَ وعجل فرج آل بيت محمد يا رب العالمين، وَالْعَنْ جَميعَ الظّالِمينَ، واحْكُمْ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ يا اَحْكَمَ الْحاكِمين ... تكبيرٌ وصلوااااااااات
لا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ عَدَدَ الّلَيالى وَالدُّهُورِ، لا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ عَدَدَ اَمْواجِ الْبُحُورِ، لا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ ورَحْمَتُهُ خَيْرٌ مِما يَجْمَعُونَ، لا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ عَدَدَ الشَّوْكِ الشَّجَرِ، لا الـهَ اِلاَّ اللهُ عَدَدَ الشَّعْرِ وَالْوَبَر، لا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ عَدَدَ الْحَجَرِ وَالْمَدَر، لا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ عَدَدَ لَمْحِ الْعُيُون، لا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ فِى الّلَيْلِ اِذا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ اِذا تَنَفَّسَ، لا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ عَدَدَ الرِّياحِ فِى الْبَرارى وَالصُّخُورِ، لا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ مِنَ الْيَوْمِ اِلى يَوْمِ يُنْفَخُ فِى الصُّورِ .تكبيرٌ وصلوااااات ..
عبادَ الله اتقوا الله حقَ تقاتهِ ولا تموتُن إلا وانتم مسلمون ...
أيها المؤمنونَ والمؤمناتِ :
كعادتهِ يأتي سريعاً ويمضي سريعاً، انه شهرُ رمضانَ المبارك بنهاره الجميل ولياليهِ العطرة .. ها نحن نودعُ شهرَ القرآن ِوالصبرِ والتقوى ، شهرَ العزةِ والكرامةِ والجهاد، شهرَ الصدقة والرحمة ، شهرَ المغفرة والعتق من النار ...
إن شهرَ رمضان قد قوّضَ خيامَه وفك أطنابه وقد أودعناه ما شاء اللهُ أن نودعَ من الأعمالِ والأفعالِ والأقوالِ حسنَها وسيئها صالِحها وطالِحها والأيامُ خزائنُ حافظةٌ لأعمالكم، تُدعَون بها يوم القيامة (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا) ، ينادي ربكم: " يا عبادي، إنما هي أعمالُكم أحصيها لكم ثم أوفِّيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمدِ الله، ومن وجد غيرَ ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه "
أخوتي أخواتي في الله : انقضى شهرُ رمضان ولا ندري أنُدركُ الشهرَ الأخر أم لا: (عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى)، كم من مستقبلٍ يوماً لا يستكملُه ومؤملٍ غداً لا يدركُه ...
أيها الأحبةُ : إنَّ لنا في انقضاءِ رمضانَ عبرةً وعظةًٌ ، فقدْ كُنا نعيشُ أيامَهُ فرحينَ متنعمينَ بها ثُمَّ انقضتْ تِلكُمُ الأيامُ وكأَنها طيفُ خيالٍ .. مضتْ تلكَ الأيامُ لِنقطَعَ بها مرحلةَ مِنْ حياتِنَا لَنْ تعودَ إلينا أبداً وإنما يبقى لنا ما أودعنَاهُ فيها مِنْ خيرٍ أو شرٍ، وهكذا الأيامُ التي تمرُ علينا تُنقصُ منْ أعمارِنا ، وتقربنا مِنْ آجالِنا
فالصيامُ دورةٌ تربويةٌ اخلاقية ٌعباديةٌ تكامليةٌ تخلقُ إنسانا واعيا مؤمنا شجاعا قادرا على مواجهة ِشرهِ الشهوة ِوقوةِ سيطرتها على ارادتهِ فضلا عن شجاعته ِوقدرتهِ في مواجهةِ الظالمِ وقول الحق والجهر به ثم المطالبةِ والالحاحِ على تحقيقهِ ,وكلُ تلك الثمارِ والآثارِ يجبُ ان تتجلى بعدَ انقضاءِ الصيامِ ويبدءُ الانسانُ بطرح السؤالِ على نفسهِ وتكرارِ السؤالِ واعادتهِ وتكرارهِ وهو: ما الذي خلقََ الصومُ في نفسي؟ وما هي اثارهُ وتجلياتهُ في سلوكِ الصائمِ وماذا استفادَ هذا الصائمُ من هذه الدورةِ المفعمةِ بنور وعطرِ شهرِ الله ثم بألمِ الجوعِ والعطش؟ فهل إن هذه ِالفريضةَ مجردُ عادةٍ وفرضٍ أدّاه الانسانُ وسقطَ عنه وانتهى الحال أم إن للصيام معانٍ واسماءً تُترجمُ حروفَها بعد انقضائه؟ وجوابهُ بكل تأكيدٍ واضحٌ في ما يجنيه الصائم وهو يتأملُ الوصولَ لغايةِ الافطارِ كما يترقبُ المسافرُ لبلد ٍوصولَهُ لنقطةِ النهايةِ وسماعَهُ صفيرَ القطارِ آيذاناً بخبرِ بلوغِ الطريقِ نهايتَهُ فتعلو على محياه الابتسامةُ وتعيشُ نفسُهُ نشوةَ الفرح, اضافةً الى ما في الصيام من دروس ومواعضٍ وعبرٍ كإشعارِ الصائمِ بجوعِ الاخرين واستذكارهِ الآلامَ وأوجاعَ الناس واستحضارهِ آهاتِ الفقراءِ لحظةَ حنينهم للقدر وللذيذ الزاد , ثم ان المرورَ بادعيةٍ واورادِ العبادةِ الرمضانية بما تحملُ من قراءةٍ للسورِ القرانية المباركة واختتامِ القران في الشهر الفضيل كلُ ذلك يُؤسسُ لرقةِ قلبِ العابدِ ويطوي المسافاتِ بينه وبين ربهِ المتعال فيتقربُ منه اميالا واميال ,,وتحصلُ ثمراتُ وزهورُ هذه العبادةِ بعد الانتهاءِ من الشهر الفضيل وقدومِ العيدِ المبارك فيحثُ الشارعُ حينَها الانسانَ ببدء هذه الجولةِ الشواليةِ بصلاةِ العيد ودعائِها المتضمنَ معانٍ جمة يأتي فيها ذكرُ المسلمين: (جعلته للمسلمين عيدا ولمحمد واله ذخرا وشرفا ومزيدا) وأكيدا هذا الذكرُ للمسلمين هو استذكارٌ لكل معاناةِ المسلمين واوجاعِهم وملماتِهم والبلاءاتِ المنصبةِ عليهم مذ ان غاب الُ محمدٍ عن ساحة الأرض التي مُلئت بزورِ الغشاشين ونفاقِ الدجالين وظلمِ الحاكمين والمستبدين ...
والجديرُ بالاشارةِ إليه هو إن هذا الشهرَ المباركَ والمدرسةَ الرمضانية ونتائجَها التي من المفروض أن تكونَ واضحةٌ على الزعامةِ الدينيةِ والسياسيةِ وبالأخص الدولة التي اتخذت من الاسلامِ والولاءِ لآلِ البيت شعارا لها وهدفا، فلينظروا لواقعِ العراقِ فانه يعيشُ وسطَ فقرٍ مدقع، وانقطاعٍ مستمرٍ للتيار الكهربائي، وظروفٍ حياتيةٍ قاسية يعيشها معظمُ العراقيين في بلدِهم الذي يعدُّ أحد أغنى بلدانِ العالم، فينعم غالبيةُ الساسةِ في العراق بحياة مترفةٍ تتخطى حدودَ الخيال، وثرواتٍ شخصيةٍ وحزبيةٍ تُنافسُ أثرياءَ الأرضِ، فاغلب ساسة العراق الديمقراطيين الجدد قد طلّقوا الوطنَ بالثلاث وأقاموا عقدَ نكاحٍ للطائفةِ بمساحةٍ لا تتجاوز حدودُها المصلحةَ الخاصةَ التي ينطلقون من فضائِها لابتلاعِ أموالِ العراق التي هي حقٌ للسائلِ والمحروم ويلوذوا ببعض فتاوى الذين تجردوا من آدميتِهم بعدما ساقوا للجياع مكرَهم وتناسوا إن اللهَ خيرُ الماكرين، وكلٌ منهم قد حنفَ اليمين وتركَ الفقراءَ يفترشونَ الارضَ ويلتحفونَ السماء ببطونٍ خاويةٍ يستصرخونَ ملائكةَ السماء عن بؤسِ حالِهم لأنهم لم يجدوا ما يمارسونَ من خلالهِ طقوسَ عيد الفطر المبارك سوى ومضاتِ الحزنِ التي تركتها صرخاتُ اطفالِهم وعوائلِهم التي تكتوي بلهيبِ الصيفِ بينما ينعمُ مسؤولو العراق بصيفٍ مخملي في عواصمِ الترفِ والرذيلةِ هم وعوائلُهم ، فمن سوء حظِ العراقيين ان تكون اعيادُهم مسرحا للاختيار بين الحياةِ والموت وليس كما يحدثُ في كلِ دولِ المعمورة عندما يكونُ العيدُ اختيارا بين الجميلِ والاجمل، ومن سوءِ حظهم أيضا أن تعاقبت على ابناءِ الإسلام وعليهم حكوماتُ الجورِ والفسادِ والأفسادِ .. فآلُ امية ... ثم ... آلُ العباس....ثم..آلُ الأتراك.. ثم المغاربة... ثم ..آلُ التتر المغول .....ثم الصهاينة.ُ.ثم الانكليز ..ثم الاماركة. ثم مأساةُ ومصيبةُ المؤسسةِ الدينيةِ المنحرفةِ التي ابتدعت في الدين ما لم ينزل اللهُ به سلطانا وتحكمت في دينِ اللهِ وشرايعهِ جهلا وعنادا وعلوا وكفرانا ...ثم ابناءُ واحفادُ الاماركةِ وعملاؤهم وذيولهم واذنابُهم الذين عاثوا في الارضِ فسادا وخربوا البلادَ والعبادَ وهم ساسةُ التصريحِ التلفزيوني المنورق والمزوّق الذين اخترعوا اكبرَ مصنعٍ للكذبِ وخيانةِ الوعودِ في العالم بل ابتكروا اكبرَ مطبخٍ لصياغةِ الدساتيرِ والسياساتِ الفارغة في الشرق الاوسط !! وأكثرُ من ذلك حيث أسسوا لقاعدةِ بياناتٍ مملوئةٍ بالسفسطة ِ الطائفيةِ الفؤيةِ والقراراتِ الطوبائيةِ الوردية ..فهم بحقٍ ساسةُ التصريحاتِ..هم بحقٍ ساسةُ نفعلُ ونعملُ وو.. فهم بحقٍ ساسةُ سوف.. فهم واحرفُ التسويفِ ابناءُ عم اذا لم تكن بينهم قرابةُ الاخوةِ الذين ارتضعوا من ثدي واحد .!!! فعجبا لكم ثم عجبا ..الا يكفي ..الم تبلغْ سرقاتُكم ذروتها ..؟الم يبلغ كذبُكم ونفاقُكم السياسي قمتَهُ ..؟الم تنتهِ بعد الاعيبُكم وحركاتُكم ومشاريعُكم اللعينة ..؟ الم ينقضي عنكم شهرُ رمضان وكنتم فيه من اهلِ الصيامِ والقيامِ والايمان !! يا حجاجَ بيتِ الله وساسةَ العراقِ الصائمينَ المنهمكين بالصيام والقيام الم تنتهِ لعبتُكم بعد..؟ فوالله لقد ضاقت صدورُ المظلومينَ المحرومينَ من هذا البلدِ المسكين فاتقوا اللهَ فينا واتقوا اللهَ في اطفالِنا وشيوخِنا ونسائِنا واراملِنا وايتامِنا .. فكم من يتيم جلسَ صباحَ العيدِ تناولَ جرعةَ الدموعِ والبكاء بدل ان يتناولَ حلوى العيد لفقدان ابيهِ او امه بسببِ مفخخاتِكم وخلافاتِكم وصراعاتِكم المفتعلة..اتقوا اللهَ حقَ تقاتهِ ولا تموتُن الا وانتم مسلمون بريؤ الذمة وإننا لكم ناصحون وتوبوا إلى الله توبةً نصوحا عاجلا غير آجلا .. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم يوم يقومُ الحساب حيث لا ينفعُ مالٌ ولا بنون ولا سلطةٌ ولا وزارةٌ ولا منصبٌ ولا مسؤوليةٌ الا من أتى الله بقلب طاهر ونظيف ونزيه وسليم ... بسم الله الرحمن الرحيم ((قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد)) صدق الله العلي العظيم وصدق رسوله الكريم ولذكره تكبيرُ وصلواااات ...
الخطبة الثانية:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم وأحمده حمدا كثير وأثني عليه ثناءا جميلا والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين وعجل فرج آل بيت محمد يا رب العالمين ...تكبيرٌ وصلوااااات
اَللّـهُمَّ مَنْ تَهَيَّأَ اَوْ تَعَبَّأَ اَوْ اَعَدَّ وَاسْتَعَدَّ لِوِفادَة اِلى مَخْلُوق رَجاءَ رِفْدِهِ وَنَوافِلِهِ وَفَواضِلِهِ وَعَطاياهُ، فَاِنَّ اِلَيْكَ يا سَيِّدي تَهْيِئَتي وَتَعْبِئَتي وَاِعْدادي وَاسْتِعْدادي رَجاءَ رِفْدِكَ وَجَوائِزِكَ وَعَطاياكَ،وَلَمْ اَفِدْ اِلَيْكَ بِعَمَل صالِح اَثِقُ بِهِ قَدَّمْتُهُ، وَلكِنْ اَتَيْتُكَ خاضِعاً مُقِرّاً بِذُنُوبي وَاِساءَتي اِلى نَفْسي، فَيا عَظيمُ يا عَظيمُ يا عَظيمُ اِغْفِرْ لِيَ الْعَظيمَ مِنْ ذُنُوبي، فَاِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ الْعِظامَ إلاّ اَنْتَ يا لا اِلـهَ إلاّ اَنْتَ ...
اللّهُمَّ صَلِّ عَلى محمد المصطفى وعَلِيٍّ المرتضى وفِاطِمَةَ الزهراء، وَصَلِّ اللهم عَلى سِبْطَي الرَّحْمَةِ وَإِمامَي الهُدى الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ ، وَصَلِّ اللّهُمَّ عَلى أَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ (السجاد والباقر) وَ(الصادق والكاظم) وَ(الرضا والجواد) و(الهادي والعسكري) وَ(الخَلَفِ الهادِي المَهْدِي)، حُجَجِكَ عَلى عِبادِكَ وَاُمَنائِكَ فِي بِلادِكِ صَلاةً كَثِيرَةً دائِمَة يغبطهم بها الأولون والآخرون ...
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وتابع بيننا وبينهم بالحسنات انك مجيب الدعوات قاضي الحاجات .... تكبيرٌ وصلوااااات
أيها الأخوة والأخوات:
جاء في الرسالةِ الثانية التي وجّهها الإمامُ المهدي عليه الاف التحايا والسلام إلى الشيخ المفيد رحمه الله والمؤرخة غرة شوّال سنةَ اثني عشر وأربعِمئةٍ أي قبلَ أكثرَ من ألفِ عام ( ونحن نعهدُ إليك أيها الولي المخلص المجاهد فينا الظالمين ، أيّدك الله بنصره الذي أيّدَ به السلف من أوليائك الصالحين إنه من اتقى ربَّه من إخوانك في الدين وأخرجَ مما عليه إلى مستحقيهِ كان آمناً من الفتنةِ المبطلةِ ومحنِها المظلمةِ المضلّة ومن بخلَ منهم بما أعادَهُ اللهُ من نعمته على من أمرَهُ بصلتهِ فإنه يكون خاسراً بذلك لأولاه وأخرته ....
أيها الأخيار الأنصار أيتها الزينبيات الطاهرات:
إن من اكبرِ دواعي الفراقِ بين الإمام واشياعهِ واتباعهِ واعظمِ دواهي بُعدِ اللقاءِ بالامامِ الغريبِ الشريدِ الوحيدِ المؤملِ المنتظر روحي له الفداء هو الامتناعُ عن دفعِ الحقوقِ الشرعية التي نصت عليها شريعةُ المصطفى الخاتم صلواتُ الله عليه واله الاطهار الميامين , بل ان الكونَ في الفتنةِ وعدمَ الأمن منها ومن عتمتها وريحها النتنة سببُهُ البخلُ عن اداءِ حقِ اللهِ من المالِ وهذا المعنى يتجلى في تلك الرسالةِ التي قدمنا بها خُطبتَنا المباركةَ هذه حيث يشكو الامامُ الغائبُ المؤمولُ من تقاعسِ الامةِ عن ابسطِ واجباتِها واسهلِها واسلسِها كما تُشيرُ الرسالةُ في مضماينِها إلى أن كل ما بأيدي الناسِ من أموالٍ إنما هو شيءٌ رزقَهم اللهُ تعالى إياه ولو شاء منعهم فكيف يبخلون عليه تبارك وتعالى بطاعتهِ وتنفيذِ أمرهِ في إنفاقِ البعضِ اليسيرِ منه لنصرة الاسلامِ والمسلمين ورفعِ شأنِ الدين ثم لقضاءِ حوائجِ المحتاجين الذين ابتلاهم اللهُ بالمنع والفقر كما ابتلى هؤلاء بالعطاء والغنى.
وتندرجُ تحت عنوانِ الحقوقِ الشرعية مصاديقُ عديدةٌ كالزكاة والخمسِ والكفاراتِ والنذورِ وردودِ المظالم أما الإنفاقُ المستحبُ فمجالاتُهُ واسعةٌ جداً ،
أيها الأخوة والأخوات: إن مانعَ الخمس يستحقُ النار بما عطّلَ فرضا من فرائضِ اللهِ الأوحد فلا يخفى ان الخمسَ والكفاراتِ والنذورَ وغيرَها فرائضُ واجبةٌ كوجوبِ الصلاةِ والصومِ والزكاة والحج في الموارد التي ذكرها القرآن الكريم إذ قال :(ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ )، وقد عدّت بعضُ الرواياتِ الشريفةِ بصراحة حبسَ الحقوقِ الشرعيةِ من غيرِ عسرٍ من الكبائر . وقرنَها الإمامُ الرضا (عليه السلام) إلى الزنا وشربِ الخمر واللواط والفرارِ من الزحف وأكلِ مالِ اليتيم والربا، ومما جاءَ في مانعِ الزكاةِ الشاملةِ لمانع الحق الشرعي أيضا ما ورد عن أبي جعفـــر ع قال : (ما من عبدٍ منعَ من زكاةٍ مالَهُ شيئاً إلا جعلَ اللهُ ذلك يومَ القيامة ثعباناً من نارٍ مطوّقاً في عنقه ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب وهو قول الله عز وجل (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ)، أي ما بخـلوا به مـن الزكاة، ويتخذ رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم إجراءاً في حقِ مانعي الزكاة بإخراجِهم من المسجدِ كما وردَ عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: بينما رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم في المسجد إذ قال: قم يا فلان قم يا فلان، حتى اخرج خمسةَ نفرٍ فقال: ( اخرجوا من مسجدِنا لا تصلّوا فيه وانتم لا تزكّون) وعن أبي عبد الله (عليه السلام): ( من منع قيراطاً من الزكاة فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً )، وفي وصيةِ النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لعلي(عليه السلام) قال : يا علي كفرَ بالله العظيم من هذهِ الأمةِ عشرةٌ وعدَّ منهم مانعَ الزكاة، ثم قال : يا علي ثمانيةٌ لا يَقبلُ الله منهم الصلاةَ وعدَّ منهم مانعَ الزكاة ، ثم قال: يا علي من منعَ قيراطاً من زكاةِ مالهِ فليس بمؤمنٍ ولا بمسلم ولا كرامه، يا علي تاركُ الزكاة يسألُ اللهَ الرجعةَ إلى الدنيا وذلك قوله عز وجل: (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) .
هذا وان لمانعِ الحقوقِ الشرعيةِ آثارا وضعيةً مترتبة فتُؤثرُ على الذريةِ والأولادِ ثم على راحةِ النفس واطمئنانِها ثم إن مانعَ الحقِ الشرعي يتصورُ إن حرصَهُ على المال ومنعَهُ إياه من الأداءِ يزيدُهُ غنىً وثروةً في حين انه يُتلفُ مالَهُ بذهابِ البركةِ منه فعن الإمام الصادق ع (ما تلفَ مالٌ في برٍ ولا بحرٍ إلا بمنعِ الزكاة) ...
أيها الأخوة والأخوات :
وبعد هذا العرض الموجز لأهميةِ الحق الشرعي واثرِ منعهِ الوضعي والأخلاقي والسلوكي نشير إلى مهم وهو إن بعض الأخوة وفقهم الله تعالى يتسامحون في شئ مهم وهو عدم إجراء الجرد الابتدائي لمن وصل من أبنائنا وبناتنا سن التكليف الشرعي، والمفروض على الصبي إذا بلغ سن التكليف وهو خمس عشرة سنة هلالية وكذلك الصبية إذا بلغت تسع سنين هلالية أن يُجعل لكل منهما سنة خمسيّة مستقلة عن والديهما ومختصة بهما، ولابد لهما أيضا من إجرائهما الخمس الابتدائي ودفع الحقوق الشرعية ومراجعة الوكيل بخصوص ذلك، فابتلاء الخمس كابتلاء الصلاة والصوم لا يجوز التسامح والتساهل به، ففي ذلك ضمان وحفاظ وتحصين لأبنائنا من الانزلاق في مهاوي الفتن والشيطان ويكون في ذلك لهم عزة ورفعة في الدين والدنيا والآخرة ...
ومن خلال منبرِ الجمعة هذا نوجّهُ خطابنا وبكلِ صوتٍ عالٍ لكل من تقاعسَ وتخاذلَ عن دفعِ الحق الشرعي بالإسراع ثم الإسراع بالتوبةِ قبل التوثبِ والحوبة وقبلَ فوات الأواِن وخلعِ ثوب الذلِ والانقيادِ لإبليس والهوى والدنيا الدنيئةِ الفانية التافهة السحيقة وتعزيزِ الشعور وتعميقِ الثقة بالله الرازق الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد .. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم بسم الله الرحمن الرحيم (انا اعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر ان شانئك هو الابتر) صدق الله العلي العظيم وصدق رسولُهُ الكريم ... ولذكرهِ تكبيرٌ والصلواااات ..
بسم الله الرحمن الرحيم ان الله تعالى اوصى في كل الكتب السماويه وامر انبيائه ورسله على رعايه الايتام ومساعدتهم كما قال رسول الله محمد صلى الله عليه واله وسلم(انا وكافل اليتيم كهاتين في الجنه) صدق رسول الله واشار الى هاتين يعني اصابعه متلاصقه يعني نفس المنزله انا وهو يوم القيامه ونرى اليوم في العراق من انتهاك لحقوق الانسان وسرقه المليارات من قوت الايتام وعدم الاهتمام بهم ورعايتهم وهم في امس الحاجه الى الرعايه من ملابس وطعام وتعليم والحنان وحمايتهم الملايين من الايتام في العراق يموتون جوعا ومرضا وابناء المسؤلين العراقيين ارقى الطعام ياكلون وارقى الملابس يلبسون وارقى السيارات يركبون وكل يوم في دوله لغرض السياحه كل هذا من خيرات العراق وسرقتها الا نعلت الله على الظالمين
ردحذفبارك الله بيك أخي الكريم
ردحذف