التجديد المنهجي الأصولي في فكر السيد الصرخي الحسني



أن قراءة بعض الظواهر العلمية السائرة في التكامل العلمي لا يمكن قراءتها دون الرجوع الى عنصر الزمان وما احاطت به وتولدت منه نتاجات عاشت ردود فعل ذلك الزمن ، ومن الضروري متابعة الاجواء التي احاطت به لتكون عاملا مساعدا في فرز تلك الشخصية عن باقي الشخصيات العلمية وانصافها كي لا يقع من يسمع او يقرئ في تورط وعدم التمييز وهي حلقة من حلقات الرقي العلمي والسير وفق القراءات التاريخية ضمن قواعدها واسسها كي تجنبنا الوقوع وفقدان عنصر التقييم .
ومن الظواهر العلمية التي اسست مفهوم العلم والرقي والتقدم والتكامل وامتلاكها مميزات افتقدتها الكثير من الشخصيات التي ظهرت في نفس الزمان والتي سعت نحو التطور والتغيير لكن ما وجد عنده من امتلاك للتمّيز لم تجد في غيره قد مكنته من اعتلاء قمة التغيير ، واذا لم يكن للباحث في عمق هذه الشخصية وامتلاكه القدرة والانصاف والتشخيص الدقيق فانه يقع في بعض الاخطاء حينما يُلبسها ما لم تحمله او يسلبها ما امتلكته وتميزت به .
ولابد من الخوض والتحقيق في الرؤى التي تشكلت منها ابداعات التجديد الاصولي في ميدان الدراسات الأصولية والذي تشكل مواطن القوة في الساحات العلمية عند التقييم في المدارس الأصولية ، وباعتبار المدرسة الأصولية للسيد محمد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه وأهمية التغييرات التي قدمها في هذا المجال والتي يشار لها بالبنان فأن منهج المدرسة الأصولية ومجدد علومها سماحة المرجع الديني الأعلى السيد الصرخي الحسني دام ظله يدلل وبصورة واضحة خاصية التجديد والابداع والتفرد والهيمنة الغير مسبوقة اذ انه يعتبر من الأصوليين ومن المتربعين بصدارة الأسماء لمنهج الصدر الاصولي بالتخويل الذي لديه وامتيازه الفكري المتجدد ليكون مصنفا على رأس الأسماء من الأصوليين ، من قبيل التأليف والتصنيف والدرس الأصولي وتجديده لمفاصل ذلك العلم لتسمح له بان يكون مبدعا ومجدداً ، في مقابل ما أنتجته مدرسة الميرزا النائيني ومن سار على خطاها وثوابتا ، تلك المدرسة وما طرحته من مسائل أصوليه قد أعتمد في مقابلها منهجا وايضاحا وتثبيتاً لمنهج المدرسة الأصولية للسيد الشهيد الصدر الأول قدس سره واتخاذه منهجا واضحا في تثبيت ما طرحته المدرسة الصدرية والتي كانت وما زالت الى الأن بفضل التجديد والدفاع عن آرائها باستخدام وتثبيت وتجديد تلك المباني لتكون تلك المسائل التجديدية لا تقارن بما أنتجته وطرحته باقي المدارس الأصولية ، لتكون آرائه ومبانيه سببا في حل الكثير من المعضلات وتقييم الاجراءات التطبيقية على ابواب ذلك العلم وبين مثبتاتها من باب قراءة المنهجية والمصطلحات والتقسيم الدقيق الذي أرتكز عليه سماحته دام ظله بقوة علمية فائقة لفتت أنتباه الكثير من الباحثين ، ومما لا شك فيه ان مدرسة الصدر قدس سره ومن سار على هداها ومنهجها والتي احدثت تغييرا على خارطة النسيج العام لعلم الاصول بموضوعاته وما انتجته من ذلك التغيير من باب مباحث العقل العلمي او التزاحم اللفظي او نظرية القرن الاكيد وكثير من الابواب التي فتح ابوابها بالتجديد والتغيير لنجد ان من الضروري ان يكون هناك عالماً من علماء تلك المدرسة الاصولية يحمل على عاتقه الدفاع والتجديد لتلك المدرسة لنجد الابداعات والتجديد الواضح لاحتياج تلك الثوابت الى الدفاع والتثبيت . وبمرور علم الاصول بجميع مراحله منذ عصر البهبهاني وتفاعل الدراسات الاخرى من قبيل الفلسفة وبين علم الاصول اذ يرى المتتبع التلاقح بينهما واستيراد ان صح التعبير للكثير من القواعد ، فكانت الكثير من المصطلحات من تلك العلوم الى استخدام النسق المنطقي للجمل وتوظيف هذه الامور في علم الاصول مثل الوجوب والعلة والمعلول والمقتضي والشرط المانع والذاتي والعرضي ، وغيرها الكثير مما تجعل من هذه المصطلحات تأثر على المنهج الاصولي وعلى ثوابت هذا العلم لمنحها مصطلحات ان استطعنا بتسميتها بالارسطية لتكون المرجع في الفكر الاسلامي مما حدى بالمدرسة الصدرية بانتهاج اصلاح اصولي في باب اللغة الاصولية وتعديل البنى العقلية والذي مكن تلك المدرسة من تعديل راسخ ومستقر ، فكان سماحة السيد الصرخي الحسني دام ظله يعتمد في تثبيت تلك المعالم الاصولية التغييرية على ايضاح وتثبيت الافكار بمنهج علمي مبسط لتمتاز افكاره بلغة الشفافية بإيضاح الفكرة والمنهج الاصولي وابراز الفوارق والمشتركات ليسد المجالات التي تحتوي على الفراغ التصوري وهذا ما اتضح جلياً في كتابه الفكر المتين كما هو واضح في أبحاثه الاصولية العالية ، ليؤكد على الفوارق العلمية بين مؤسس المدرسة وبين تقريرات الطلبة ومن جانب اخر بيان الفوارق بين المدرسة نفسها وبين المدارس الاصولية الاخرى ، ومن المؤكد ان هذه الالتفاتات التي اكد عليها سماحته في ابحاثة تمثل مظهر الابداع والتجديد في علم الاصول وتكون مرحلته مرحلة متقدمة في الدراسات الحديثة والقدرة الكامنة والنابعة من الشخصية الانسانية الالهية والتي استطاع ان يوظف فكره وفهمه لمراد مؤسس المدرسة وتثبيت ما تحتاج اليها تلك المدرسة عبر الزمن وتطور العلوم ليكون سائرا على ما انتهجه السيد الشهيد الصدر قدس سره من وضع الخطوات الاولى في تجديد علم الاصول ليجد بعد حين من الزمن من يستمر في السير على تلك الخطوات ليكون انجازاً تكلل بالنجاح دون مضاعفات غير ايجابية وقفزة علمية رائدة في تثبيت اسس وضوابط وعلوم المنهج الاصولي المتجدد.


    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق